«قبيل الانتخابات».. مزارعات في أرياف تونس يشكون الفقر والتهميش (صور)

«قبيل الانتخابات».. مزارعات في أرياف تونس يشكون الفقر والتهميش (صور)

تعبر المزارعة شاذلية المزريغي، من إحدى أفقر مناطق تونس في شمال غرب البلاد، عن إحباطها من غياب الخدمات الأساسية، مؤكدة أنه "ليس لدينا شيء هنا، لا ماء ولا كهرباء". 

يأتي ذلك قبل الانتخابات الرئاسية التي ستُعقد، الأحد، في ظل تدهور اقتصادي واجتماعي كبير، حيث تعيش شاذلية مع أسرتها على أجر يومي زهيد لا يتجاوز عشرة دنانير (نحو ثلاثة دولارات) لقاء عمل شاق في الحقول الزراعية، وفق وكالة فرانس برس.

تعبر شاذلية (47 عاماً)، التي تعيل ثلاثة أطفال، عن شعورها باليأس إزاء الظروف المعيشية القاسية، مضيفة أن زوجها لا يستطيع العمل بشكل منتظم بسبب مشكلات صحية في ظهره. 

تقول بمرارة: "نحن فقراء جداً، تحت الصفر، أشعر أحياناً أننا لسنا تونسيين لأن السلطات لا تلتفت إلينا".

تحت أشعة الشمس الحارقة، تعمل شاذلية برفقة مجموعة من النساء على نبش الأرض وإزالة الأعشاب الضارة في الحقول القريبة من فرنانة، حيث تكشف لوكالة فرانس برس عن منزلها المتواضع المصنوع من الآجر.

غياب الخدمات الأساسية

تساءلت شاذلية: "بدون كهرباء، كيف يمكن لأبنائي أداء واجباتهم المدرسية؟ وبدون المال، كيف يمكنني شراء جهاز كمبيوتر لابنتي البالغة من العمر 21 عاماً، حتى تتمكن من مواصلة دراستها في الحقوق؟".

وتضيف أن العائلة تعتمد على مساعدة الجيران لتدبير المعيشة اليومية، مشيرة إلى أنها شاهدت الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيّد، يزور النساء الريفيات على التلفزيون، لكنها لم تتلقَ أي مساعدة رغم تقديمها طلبات عديدة للسلطات المحلية.

تهميش وفقر في فرنانة

تشعر سهام الغويبي، الأرملة التي تعيش الظروف نفسها، بأنها منسية تماماً، وتطالب سهام (55 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال، السلطات بالتدخل، وتقول: "أين الدولة؟ تعالوا وساعدونا". 

وتُعتبر منطقة فرنانة واحدة من أكثر المناطق تهميشاً في تونس، حيث يعيش نصف سكانها البالغ عددهم 52 ألفاً في الريف، ووصل معدل الفقر في هذه المنطقة إلى ما يقرب من 37% في العام 2020، وفقاً لتقرير البنك الدولي.

المشاركة في الانتخابات

على الرغم من هذه الأوضاع الصعبة، تعلن المزارعات أنهن سيتوجهن إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد، من منطلق "واجبهن الوطني" وأملاً في أن تتحسن ظروفهن المعيشية ومستقبل أبنائهن.

يوضح الباحث وأستاذ الاقتصاد، آرام بلحاج، أن تونس شهدت في السنوات الخمس الأخيرة تراجعاً في معظم المؤشرات الاقتصادية، دون تحقيق أي نمو يخفف من وطأة الفقر والبطالة. 

ويُرجع بلحاج هذه الأزمة إلى تدهور القدرة الشرائية الناتج عن التضخم المرتفع، وخاصة أسعار المواد الغذائية واللوازم المدرسية، ما زاد من صعوبة حياة الطبقة المتوسطة والفقراء.

غياب الاستقرار والسياسات الواضحة

يشير الخبير الاقتصادي إلى أن تحقيق أي نمو اقتصادي يستدعي وجود سياسات عامة واضحة، إلا أن الحكومة التونسية تعاني من عدم استقرار بسبب التعديلات الوزارية المتكررة، والمناخ غير الملائم للاستثمار نتيجة البيروقراطية والفساد، إضافة إلى ارتفاع الديون إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي. 

يؤكد بلحاج أن معظم ميزانية الدولة تُنفق على الرواتب وسداد الديون، مع تخصيص نسبة ضئيلة جداً للاستثمار.

دور المجتمع المدني

في ظل هذا الواقع المرير، تسعى منظمات المجتمع المدني في المناطق النائية إلى تغيير الوضع، عبر تقديم برامج تدريبية للشباب مثل برنامج ريادة الأعمال الذي تقدمه وعد الخميري، شابة حاملة شهادة في علم الأحياء البيئي. 

تأمل وعد في تشجيع شباب المنطقة على إطلاق مشاريعهم الخاصة، قائلة: "فرنانة غنية بالثروات الغابية والشباب المؤهل".

تختتم الجمعيات بأن التغيير قد يبدأ من الجهود المحلية، لكن تحسين الأوضاع يتطلب تدخلاً حكومياً أكبر لدعم التنمية في المناطق المهمشة مثل فرنانة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية